قوات عربية تعوض القوات الامريكية في شرق سوريا

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن خطة تعدها إدارة الرئيس دونالد ترامب لإحلال قوات عسكرية عربية مكان القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا. وأفادت الصحيفة الأمريكية بأن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون اتصل بمدير المخابرات المصري بالوكالة عباس كامل لمعرفة موقف القاهرة من هذا المسعى. وكشفت مصادر الصحيفة أن التواصل جرى مع دول خليجية أيضا من أجل المشاركة في هذه القوات وتقديم الدعم المالي لها، وتوقع مسؤولون في الإدارة الأميركية أن تستجيب الدول العربية لطلب ترامب خصوصا فيما يتعلق بالدعم المالي. وظهرت تفاصيل بشأن هذه المبادرة (التي لم يتم الكشف عنها سابقا) في الأيام التي تلت الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة على المواقع السورية، ردًا على الهجوم الكيميائي المفترض على مدينة دوما في ريف دمشق. وأشارت الصحيفة إلى تصريحات الرئيس الأميركي عشية تلك الضربات، والتي قال فيها “لقد طلبنا من شركائنا تحمل مسؤولية أكبر في تأمين منطقتهم، بما في ذلك المساهمة بمبالغ أكبر من الأموال”. ويرى المراقبون أن إصرار ترامب على عودة القوات الأميركية إلى الوطن بأسرع وقت ممكن، دفع المسؤولين في إدارته إلى البحث سريعًا عن إستراتيجية خروج من شأنها أن تحول العبء إلى الشركاء الإقليميين بعد هزيمة تنظيم الدولة.
أهداف الخطة
وتهدف الخطة الجديدة إلى تجنب حدوث فراغ أمني في سوريا يسمح لتنظيم الدولة بالعودة، أو يسمح بالتنازل عن المكاسب التي تحققت للقوات المدعومة من إيران. وستكون مهمة القوة الإقليمية العمل مع المقاتلين الأكراد والعرب المحليين الذين تدعمهم الولايات المتحدة لضمان عدم قدرة تنظيم الدولة على العودة، ومنع القوات المدعومة من إيران من الانتقال إلى الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم. واعتبر مسؤولون عسكريون أميركيون أن استكمال هزيمة تنظيم الدولة في سوريا يظل تحديًا كبيرًا، لكن في المقابل، فإن أي تحرك لتجميع وحدة عسكرية عربية سيتم نشرها بعد مغادرة القوات الأميركية سوف يواجه عقبات كبيرة.ويقول الباحث في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر إن تجميع قوة جديدة سيكون تحديًا لأن السعودية والإمارات متورطتان عسكريًا في اليمن، كما أن مصر تبدو مترددة بشأن هذه المهمة. وأضاف أن الدول العربية لن تكون حريصة على إرسال قوات إلى سوريا إذا لم يوافق الجيش الأميركي على الاحتفاظ ببعض قواته هناك. وأكد أنه لا توجد إستراتيجية سابقة لإنجاح هذه المبادرة، وتبقى العديد من الأسئلة بشأن ما إذا كان الجيش الأميركي سيحافظ على بعض المشاركة في تنفيذ مثل هذه الخطة. من جهته، قال مايكل أوهانلون من معهد بروكينغز إن القوة الجديدة “يجب أن تكون قوية بما يكفي لمواجهة قوات النظام أو إيران، إذا ما أرادت استعادة المنطقة ربما بمساعدة روسيا”.
بلاك ووتر
واستحوذت الفكرة أيضا على اهتمام رجل الأعمال الخاص الذي أسس شركة بلاك ووتر في الولايات المتحدة الأميركية إريك برنس، الذي قال إنه بادر بالاتصال بشكل غير رسمي مع مسؤولين عرب بشأن إمكانية بناء قوة في سوريا، لكنه ينتظر ما سيفعله ترامب. ويرى مراقبون أن استعداد مصر لدعم جهد جديد في سوريا سيكون مستبعدًا، خصوصًا مع إنشغالها بقتال الفرع المحلي لتنظيم الدولة في سيناء، وبتأمين الحدود الصحراوية الشاسعة للبلاد مع ليبيا. وكان الرئيس الأميركي صرّح نهاية مارس الماضي أن القوات الأميركية الموجودة في سوريا ستنسحب قريبًا جدًا، وهو ما أثار ردود فعل مختلفة في الدوائر العسكرية الأميركية، إذ علقت وزارة الدفاع (البنتاغون) وقتها أنها تفاجأت بتصريحات الرئيس.
ونقلت شبكة سي أن أن عن مسؤول عسكري رفيع قوله إن التقييم الحالي للبنتاغون لا يرى أن من المناسب الانسحاب من سوريا. لكن ترامب عاد ليقول في الرابع من الشهر الحالي إنه يريد سحب قوات بلاده من سوريا ويعمل على التوصل إلى قرار بهذا الشأن، لكنه إستدرك بالقول إن السعودية إذا كانت ترغب في بقاء الأميركيين بسوريا فعليها أن تدفع تكاليف ذلك. وأضاف أثناء مؤتمر صحفي في البيت الأبيض “أريد الخروج.. أريد أن أعيد جنودنا إلى وطنهم”، مشيرًا إلى أن التدخل الأميركي في سوريا مكلف ويخدم مصالح دول أخرى، لكنه ذكر أن “السعودية مهتمة جدًا بقرارنا، وقد قلت لهم: إذا كنتم تريدون أن نبقى فربما يتعين عليكم أن تدفعوا”. ويتوقع المسؤولون الأميركيون أن الدول العربية سترد بشكل أكثر إيجابية على طلب ترمب خصوصًا فيما يتعلق بتقديم دعم مالي، إذ سبق أن ساهمت السعودية (وفقا للصحيفة) بنحو أربعة مليارات دولار لإستعادة المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة في سوريا. وكانت وزارة الدفاع قالت في ديسمبر 2017 إن لها في سوريا نحو ألفي جندي، وفي الشهر نفسه قال وزير الدفاع جيمس ماتيس في تصريحات صحفية إنه يتوقع أن تبدأ بلاده إرسال مزيد من الدبلوماسيين والموظفين المدنيين إلى سوريا.